بسم الله الرحمن الرحيم
الوجودية-
أفكار و عقائد
اعداد: عبد الصبور الندوي
المقدمة:
الحمد لله رب
العالمين و الصلاة والسلام على رسوله الكريم محمد و على آله و صحبه أجمعين، ومن
تبعهم بإحسان إلى يوم يبعثون، وبعد:
فهذا البحث عن الوجودية التي لها أثركبير
في تاريخ فلسفة المذاهب المعاصرة، وفيه تعريف شامل عنها، قد حاولت أن لا أترك أهم
المواضيع تتعلق بالوجودية. و سوف تجدون إن شاءالله فكرة مقارنة بين الوجودية
والإسلام في محتوى البحث كما سيأتي:
1-
التعريف
2- التأسيس وأبرز الشخصيات
3- الأفكار والمعتقدات
4- الجذور الفكرية والعقائدية
5-
الوجودية في أحسن وجوهها - عند مؤيديها -
6- الناس عند الوجوديين
7- الانتشار ومواقع
النفوذ
8- الخاتمة
التعريف :
الوجودية اتجاه فلسفي
يغلو في قيمة الإنسان ويبالغ في التأكيد على تفرده وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار ولا يحتاج إلى موجه. وهي فلسفة عن
الذات أكثر منها فلسفةعن الموضوع. وتعتبر جملة من الاتجاهات والأفكار المتباينة
التي تتعلق بالحياة والموت
والمعاناة والألم، وليست نظرية فلسفية واضحة المعالم. ونظراً لهذا الاضطراب والتذبذب لم تستطع إلى الآن أن تأخذ مكانها بين
العقائد والأفكار.
الوجودية تعتبر أيضا
بأنها مذهب فلسفي أدبي ملحد، وهو أشهر مذهب استقر في الآداب الغربية في القرن العشرين، وليست دينـاً من
الأديان. يقول عنها الدكتور منصور عيـد في كتـابه
’’كلمات من الحضارة ,,:’الوجودية من أحدث المذاهب الفلسفية
وأكثرها سيادة في الفكر المعاصر,.
وفي معجم ألفاظ العقيدة (تصنيف عامر عبد الله) ، عرّف الوجودية بأنها مذهب
فلسفي يقوم
على دعوة خادعة وهي أن يجد
الإنسان نفسه،
و يتحلل من
القيم وينطلق لتحقيق رغبـاته
وشهواته بلا قيد ،(كلمات من الحضارة : ص439)
التأسيس وأبرز الشخصيات:
يرى رجال
الفكر الغربي أن سورين كيركجورد 1813 – 1855م هو مؤسس المدرسة الوجودية. ومن مؤلفاته: رهبة واضطراب.
أشهر زعمائها
المعاصرين: جان بول سارتر الفيلسوف الفرنسي المولود سنة 1905م وهو ملحد ويناصر الصهيونية له عدة كتب وروايات تمثل مذهبه
منها: الوجودية مذهب إنساني، الوجود والعدم، الغثيان، الذباب، الباب المغلق.
ومن رجالها كذلك: القس
كبرييل مارسيل وهو يعتقد أنه لا تناقض بين الوجودية والنصرانية.
كارل جاسبرز : فيلسوف ألماني.
بسكال بليز : مفكر وفيلسوف فرنسي.
وفي روسيا: بيرد يائيف، شيسوف، سولوفييف
الأفكار والمعتقدات:
يكفرون
بالله ورسله وكتبه وبكل الغيبيات وكل ما جاءت به الأديان ويعتبرونها عوائق أمام الإنسان نحو المستقبل. وقد اتخذوا
الإلحاد مبدأ ووصلوا إلى ما يتبع ذلك من نتائج مدمرة.
يعاني الوجوديون من
إحساس أليم بالضيق والقلق واليأس والشعور بالسقوط والإحباط لأن الوجودية لا تمنح شيئاً ثابتاً يساعد على التماسك والإيمان
وتعتبر الإنسان قد أُلقي به في هذا العالم وسط مخاطر تؤدي به إلى الفناء.
يؤمنون إيماناً مطلقاً
بالوجود الإنساني وتخذونه منطلقاً لكل فكرة.
يعتقدون بأن الإنسان
أقدم شيء في الوجود وما قبله كان عدماً وأن وجود الإنسان سابق لماهيته.
يعتقدون أن الأديان
والنظريات الفلسفية التي سادت خلال القرون الوسطى والحديثة لم تحل مشكلة الإنسان.
يقولون: إنهم يعملون
لإعادة الاعتبار الكلي للإنسان ومراعاة تفكيره الشخصي وحريته وغرائزه ومشاعره.
يقولون بحرية الإنسان
المطلقة وأن له أن يثبت وجوده كما يشاء وبأي وجه يريد دون أن يقيده شيء.
يقولون: إن على الإنسان
أن يطرح الماضي وينكر كل القيود دينية كانت أم اجتماعية أم فلسفية أم منطقية.
يقول المؤمنون منهم إن
الدين محله الضمير أمَّا الحياة بما فيها فمقودة لإرادة الشخص المطلقة.
لا يؤمنون بوجود قيم
ثابتة توجه سلوك الناس وتضبطه إنما كل إنسان يفعل ما يريد وليس لأحد أن يفرض قيماً أو أخلاقاً معينة على الآخرين.
أدى فكرهم إلى شيوع
الفوضى الخلقية والإباحية الجنسية والتحلل والفساد.
رغم كل ما أعطوه
للإنسان فإن فكرهم يتسم بالانطوائية الاجتماعية والانهزامية في مواجهة المشكلات المتنوعة.
الوجودي الحق عندهم هو
الذي لا يقبل توجيهاً من الخارج إنما يسيِّر نفسه بنفسه ويلبي نداء شهواته وغرائزه دون قيود ولا حدود.
لها الآن مدرستان: واحدة مؤمنة والأخرى ملحدة
وهي التي بيدها القيادة وهي المقصودة بمفهوم الوجودية المتداول على الألسنة فالوجودية إذاً قائمة
على الإلحاد. الوجودية في مفهومها
تمرد على الواقع التاريخي وحرب على التراث الضخم الذي خلفته الإنسانية. تمثل الوجودية اليوم
واجهة من واجهات الصهيونية الكثيرة التي تعمل من خلالها وذلك بما تبثُّه من هدم للقيم والعقائد والأديان.
الجذور الفكرية والعقائدية:
إن الوجودية جاءت كردِّ فعل على تسلط الكنيسةوتحكمها في الإنسان بشكل
متعسف باسم الدين.تأثرت بالعلمانية وغيرها من الحركات التي صاحبت
النهضة الأوروبية ورفضت الدين والكنيسة.
تأثرت بسقراط الذي وضع
قاعدة "اعرف نفسك بنفسك".
تأثروا بالرواقيين
الذين فرضوا سيادة النفس.
كما تأثروا بمختلف
الحركات الداعية إلى الإلحاد والإباحية.
الوجودية
في أحسن وجوهها - عند مؤيديها -:
1- الدعوة إلى الإشادة بالفردية ، وتقويم
الشخصية الإنسانية ، وإحترام القيم الإنسانية الخالصة.
2- العناية بتحليل المعاني الأساسية في
الوجود الإنساني من قلق وخوف وخطيئة ، ويأس وفناء وفردية وحرية.
3- تمجيد الوجدان والانفعال إلى جانب العقل
بل فوق العقل.
4- اتخاذ التجارب الحية موضوعات للتفسير
والتفلسف ، وعدم الاقتصار على التصورات العقلية المجردة.
5- معاناة المشاكل من الداخل بدلاً من
معالجتها من الظاهر.
الناس
عند الوجوديين:
والناس عند الوجوديين ثلاثة: رجل جمـال ،
ورجل أخلاق ، ورجل دين.
رجل جمال : هو الذي يعيش للمتعة
واللذة ويسرف فيها ، وشعاره ( تمتع والمرأة عنده) ولا زواج عند هذا الرجل ولا
صداقة ، والمرأة عنده أداة للغزو وليست غاية.
رجل الأخلاق : وهو الذي يعيش تحت
لواء المسؤولية والواجب نحو المجتمـع ولذلك فهو يؤمن بالزواج ولكن لا علاقة له
بدين أو غيره.
رجل دين: وهو عندهم لا يحيا
في الزمان ، فلا صبح ولا مساء، ولهذا فهو متجرد عن الدنيا ، وأحواله في
الجملة هي تلك الأحوال المعروفة عند الصوفية.
الانتشار ومواقع النفوذ:
ظهرت في ألمانيا بعد
الحرب العالمية الأولى ثم انتشرت في فرنسا وإيطاليا وغيرهما. وقد اتخذت من بشاعة الحروب وخطورتها على الإنسان مبرراًللانتشار السريع. وترى حرية الإنسان في عمل أي شيء متحللاً
من كل الضوابط. وهذا المذهب يعد اتجاهاً إلحاديًّا يمسخ الوجود الإنساني ويلغي رصيد الإنسانية.
انتشرت أفكارهم
المنحرفة المتحللة بين المراهقين والمراهقات في فرنسا وألمانيا والسويد والنمسا وإنجلترا وأمريكا وغيرها حيث أدت
إلى الفوضى الخلقية والإباحية الجنسية واللامبالاة بالأعراف الاجتماعية والأديان.
الخاتمة:
إن الوجودية اتجاه إلحادي
يمسخ الوجود الإنساني ويلغي رصيد الإنسانية من الأديان وقيمها الأخلاقية. وتختلف نظرة الإسلام تماماً عن نظرية
الوجودية حيث يقرر الإسلام أن هناك وجوداً زمنياً بمعنى عالم الشهادة ووجوداً
أبديًّا بمعنى عالم الغيب. والموت في نظر الإسلام هو النهاية الطبيعية للوجود
الزمني ثم يكون البعث والحساب والجزاء والعقاب.
أما الفلسفة الوجودية فلا تسلم بوجود الروح ولا القوى الغيبية وتقوم على أساس القول بالعدمية والتعطيل فالعالم في نظرهم وجد بغير داع ويمضي لغير غاية والحياة كلها سخف يورث الضجر والقلق ولذا يتخلص بعضهم منها بالانتحار.
أما الفلسفة الوجودية فلا تسلم بوجود الروح ولا القوى الغيبية وتقوم على أساس القول بالعدمية والتعطيل فالعالم في نظرهم وجد بغير داع ويمضي لغير غاية والحياة كلها سخف يورث الضجر والقلق ولذا يتخلص بعضهم منها بالانتحار.
فقد عرفنا خلال هذا البحث تاريخ
الوجودية و دورها المعاصربين إفراط و تفريط ، مرة أخرى فضيلة الدكتور تاج الدين
العروسي/يحفظه الله جزيل الشكر الذي أتاح لي الفرصة لإزدياد المعرفة والمعلومة ، وأخيرا أدعو الله أن يرزقنا بالعلم النافع
ويوفقنا بالعمل الصالح ، انه سميع مجيب. وصلى الله على نبينا محمد وسلم تسليما
كثيرا.
المراجع:
-1 مباحث في الثقافة الإسلامية- د. نعمان السامرائي-مكتبة المعارف-ط/ 1984م-صفحة: 232
-2 دراسات في الفلسفة المعاصرة- د. زكريا إبراهيم –مكتبة مصر-ط/1968
-3الوجودية المؤمنة والملحدة- د. محمد غلاب –الدارالقومية
للطباعةوالنشر-ط/1966م –صفحة: 74
-4المذاهب المعاصرة وموقف الإسلام منها- د. عبد الرحمن عميرة- دار اللواء-ط/1984م-صفحة: 320
-4المذاهب المعاصرة وموقف الإسلام منها- د. عبد الرحمن عميرة- دار اللواء-ط/1984م-صفحة: 320
5- الوجودية والإسلام-محمد
لبيب البوهي-دار المعارف-ط/1982م-صفحة: 128