Tuesday, 22 May 2012

سيرة الإمام مسلم

سيرة الإمام مسلم
صاحب ثاني أعظم كتاب في صحيح الحديث النبوي

نسبه:
هو الإمام أبو الحسن مسلم بن الحجاج بنمسلم القشيري نسبا النيسابوري وطنا، قال ابن الأثير في اللباب في تهذيب الأنساب: القشيري بضم القاف وفتح الشين وسكون الياء تحتها نقطتان وفي آخرها راء، هذه النسبةإلى قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة قبيلة كبيرة ينسب إليها كثير من العلماءفذكر جماعة من هؤلاء ومنهم الإمام مسلم.

ونسبة الإمام مسلم هذه نسبة أصلبخلاف الإمام البخاري فإن نسبته إلى الجعفيين نسبة ولاء ولهذا لما ذكر الإمام أبوعمر بن الصلاح في كتابه علوم الحديث أن أول من ألف في الصحيح الإمام البخاري ثمالإمام مسلم قال: "أول من صنف الصحيح البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفيمولاهم وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القشيري منأنفسهم".

ولادته: 
ولد الإمام مسلم سنة 204هـ كما في خلاصة تهذيبالكمال للخزرجي وتهذيب التهذيب وتقريبه للحافظ ابن حجر العسقلاني، وكذا في البدايةوالنهاية لابن كثير، قال بعد أن ذكر وفاته سنة إحدى وستين ومائتين: وكان مولده فيالسنة التي توفي فيها الشافعي وهي سنة أربع ومائتين فكان عمره سبعا وخمسين سنة رحمهالله تعالى، ونقل ابن خلكان في كتابه وفيات الأعيان عن كتاب (علماء الأمصار) لأبيعبد الله النيسابوري الحاكم أن مسلما توفي بنيسابور لخمس بقين من شهر رجب الفرد سنةإحدى وستين ومائتين وهو ابن خمسة وخمسين سنة ثم قال: فتكون ولادته في سنة ستومائتين.

رحلته في طلب العلم وسماعه الحديث:
بدأ سماع الحديث سنة ثمانيعشرة ومائتين كما في تذكرة الحفاظ للذهبي، وقد رحل لطلبه إلى العراق والحجاز والشامومصر، وروى عن جماعة كثيرين أذكر فيما يلي عشرة من الذين أكثر من السماع منهموالرواية عنهم في صحيحه مع بيان عدد ما رواه عن كل منهم كما نقل ذلك الحافظ ابن حجرفي تراجمهم في كتابه تهذيب التهذيب:
1-
أبو بكر ابن أبي شيبة: 1540 حديثا.
2-
أبو خيثمة زهير بن حرب: 1281 حديثا.
3-
محمد بن المثني الملقب الزمن: 772 حديثا.
4-
قتيبة بن سعيد: 668 حديثا.
5-
محمد بن عبد الله بن نمير: 573 حديثا.
6-
أبو كريب محمد بن العلاء ابن كريب: 556 حديثا.
7-
محمد بن بشارالملقب بندارا:460 حديثا.
8-
محمد بن رافع النيسابوري: 362 حديثا.
9-
محمد بن حاتم الملقب السمين:300 حديثا.
10-
علي بن حجر السعدي: 188 حديثا.
وهؤلاء العشرة من شيوخ مسلم روى البخاري في صحيحه مباشرة عن تسعةمنهم فهم جميعا من شيوخ الشيخين معا إلا محمد بن حاتم فلم يرو عنه البخاري في صحيحهلا بواسطة ولا بغيرها، وقد قال الإمام أبو عمرو بن الصلاح في كتابه علوم الحديث: ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في كثير منشيوخه.

تلمذته على الإمام البخاري:
يعتبر الإمام البخاري من شيوخ مسلمالبارزين الذين لهم دور كبير في إفادته وتمكنِّه في معرفة الحديث النبوي والتثبت فينقل الصحيح. قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في ترجمة الإمام مسلم في كتابهتاريخ بغداد، قلت: "إنما قفا مسلم طريق البخاري ونظر في علمه وحذا حذوه، ولما وردالبخاري نيسابور في آخر أمره لازمه مسلم وداوم الاختلاف إليه"، وقال الحافظ ابن حجرفي شرحه لنخبة الفكر في معرض ترجيح صحيح البخاري على صحيح مسلم: "هذا على اتفاقالعلماء على أن البخاري كان أجل من مسلم وأعرف بصناعة الحديث منه وإن مسلما تلميذهوخريجه ولم يزل يستفيد منه ويتبع آثاره حتى قال الدارقطني: "لولا البخاري لما راحمسلم ولا جاء"". انتهى. 
ومع كون الإمام مسلم تتلمذ على الإمام البخاري ولازمهواستفاد منه لم يرو عنه في صحيحه شيئا ويبدو والله تعالى أعلم أن مسلما رحمه اللهفعل ذلك لأمرين:

الأول: الرغبة في علو الإسناد وذلك أن مسلما شارك البخاريفي كثير من شيوخه فلو روى عنه ما رواه عنهم لطال السند بزيادة راو لكنَّه رغبة منهفي علوِّ الإسناد وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم روى مباشرة عن هؤلاءالشيوخ تلك الأحاديث التي رواها البخاري عنهم.

الثاني: أن الإمام مسلما رحمهالله ساءه ما حصل من بعض العلماء من مزج الأحاديث الضعيفة بالأحاديث الصحيحة وعدمالتمييز بينهما، فوجه عنايته في تجريد الصحيح من غيره كما أوضح ذلك في مقدمة صحيحه،وإذاً فما كان عند البخاري من الأحاديث قد كفاه مؤونته لأنَّه قد عنى بجمع الحديثالصحيح مع شدة الاحتياط وزيادة التثبت.


تلاميذه:
وللإمام مسلم تلاميذكثيرون سمعوا منه، كما في تهذيب التهذيب منهم: أبو الفضل أحمد بن سلمة وإبراهيم بنأبي طالب وأبو عمرو الخفاف وحسين بن محمد القباني وأبو عمرو المستملي وصالح بن محمدالحافظ وعلي بن الحسن الهلالي ومحمد بن عبد الوهاب الفراء - وهما من شيوخه - وعليبن الحسين بن الجنيد وابن خزيمة وابن صاعد ومحمد بن عبد بن حميدوغيرهم.

وروى عنه الترمذي في جامعه حديثا واحدا أخرجه في كتاب الصيام باب ماجاء في إحصاء هلال شعبان لرمضان فقال: حدثنا مسلم بن حجاج حدثنا يحي بن يحي حدثناأبو معاوية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولالله صلى الله عليه وسلم:" أحصوا هلال شعبان لرمضان".

قال العراقي -كما نقلهعنه المباركفوري في تحفة الأحوذي-: "لم يرو المصنف في كتابه شيئا عن مسلم صاحبالصحيح إلا هذا الحديث، وهو من رواية الأقران فإنهما اشتركا في كثير من شيوخهما". وقد أشار إليه الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب وقال: "ما له في جامع الترمذيغيره". وقال الخزرجي في خلاصة تهذيب الكمال: "وعنه الترمذي فرد حديث". انتهى.

وقد رمز في الخلاصة وتهذيب التهذيب وتقريبه عند الترجمة لمسلم لكونهمن رجال الترمذي وذلك من أجل هذا الحديث الواحد الذي أخرجه عنه.


ثناء العلماء عليه رحمه الله:
تحدث العلماء عن فضل الإمام مسلم واعترفوا لهبقوة المعرفة وعلو المنزلة. قال فيه شيخه محمد بن عبد الوهاب الفراء: "كان مسلم منعلماء الناس وأوعية العلم ما علمته إلا خيرا". 

وقال ابن الأخرم: "إنما أخرجتمدينتنا هذه من رجال الحديث ثلاثة هم: محمد بن يحي وإبراهيم بن أبي طالب ومسلم". 

وقال ابن عقدة: "قلما يقع الغلط لمسلم في الرجال لأنه كتب الحديث على وجهه".

وقالأبو بكر ابن الجارودي: "حدثنا مسلم بن الحجاج وكان من أوعية العلم". 

وقال مسلمة بنقاسم: "ثقة جليل القدر من الأئمة". 

وقال ابن أبي حاتم: "كتبت عنه، وكان ثقة منالحفاظ له معرفة في الحديث وسئل عنه أبي فقال صدوق".

وقال بندار: "الحفاظ أربعة أبوزرعة ومحمد بن إسماعيل والدارمي ومسلم". 

وقال إسحاق بن منصور لمسلم: "لن نعدم الخيرما أبقاك الله للمسلمين". 

وقال أحمد بن سلمة: "رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلمبن الحجاج في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما". 

وقال النووي: "وأجمعوا على جلالتهوإمامته وعلو مرتبته وحذقه في هذه الصنعة وتقدمه فيها وتضلعه منها". وقال أيضا: "واعلم أن مسلما رحمه الله أحد أعلام أئمة هذا الشأن وكبار المبرزين فيه وأهل الحفظوالإتقان والرحَّالين في طلبه إلى أئمة الأقطار والبلدان والمعترف له بالتقدم فيهبلا خلاف عند أهل الحذق والعرفان والرجوع إلى كتابه والمعتمد عليه في كل زمان". 

وقال الذهبي في العبر: "أبو الحسين النيسابوري الحافظ أحد أركانالحديث".

مؤلفاته:
قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات:" وصنف مسلم رحمه الله كتبا كثيرة.
1-
منها هذا الكتاب الصحيح الذي مَنَّ الله الكريم -وله الحمد والنعمة والفضل والمنة- به على المسلمين أبقى لمسلم به ذكرا جميلا وثناءحسنا إلى يوم الدين مع ما أعد له من الأجر الجزيل في دار القرار وعم نفعه المسلمينقاطبة.
2-
ومنها الكتاب المسند الكبير على أسماء الرجال.
3-
وكتاب الجامع الكبير على الأبواب.
4-
وكتاب العلل.
5-
وكتاب أوهام المحدثين.
6-
وكتاب التمييز.
7-
وكتاب من ليس له إلا راو واحد.
8-
وكتاب طبقات التابعين.
9-
وكتاب المخضرمين. وغير ذلك". انتهى.
وذكر الحافظ الذهبي في تذكرة الحفاظ نقلا عن الحاكم عشرين مؤلفا لمسلم هي بالإضافة إلى ما تقدم:
10-
كتاب الأسماء والكنى.
11-
كتاب الأفراد.
12-
كتاب الأقران.
13-
كتاب سؤالات أحمد بن حنبل.
14-
كتاب حديث عمرو بن شعيب.
15-
كتاب الانتفاع بأهب السباع.
16-
كتاب مشايخ مالك.
17-
كتاب مشائخ الثوري.
18-
كتاب مشائخ شعبة.
19-
كتاب أولاد الصحابة.
20-
كتاب أفراد الشاميين.

مهنته:
كان الإمام مسلم رحمه الله بزازا كما في تهذيب التهذيب. وقال الذهبي في كتابه العبر: "وكان صاحبتجارة وكان محسن نيسابور وله أملاك وثروة".

وفاته ومدة عمره:
توفي الإمام مسلم رحمه الله عشية يوم الأحد ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستينومائتين. دفن بنصر أباد ظاهر نيسابور، ومدة عمره قيل خمس وخمسون سنة وقيل سبعوخمسون رحمه الله.

No comments:

Post a Comment